أبو طالب الزيدي – لطالما كانت الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص تمثل صورة مصغرة عن الحياة يجتمع فيها الطموح والحماس والفرح والحزن والخيبة والنجاح والفشل وتتحدد بها معيشة عدد لا يحصى من البشر من اللاعبين وعوائلهم حيث كان يتميز بها أصحاب المهارة بكل أشكالها ولكنها كانت تفتقر لشيء تملكه كرة أخرى ليست كروية الشكل فوسط كل هذه التنافسية كان لكرة القدم الأمريكية (الركبي) روحا مختلفة تجسد الحرب أكثر من الرياضة وهو ما يتميز به أسود الرافدين من شجاعة تنافسية تجعلهم مؤهلين للتميز بها.
ولفهم أكثر لظروف هذه الرياضة محليا تحدث مدرب المنتخب الوطني للشباب مصطفى عبد قائلا: هناك اختلاف جذري بين العراق وبقيه الدول من ناحية الدعم المادي والذي هو محور نجاح أي لعبة وهذه ليست معاناة الرغبي فقط بل جميع الرياضات عدا كرة القدم.
أما عند سؤاله عن الملاعب والبنى التحتية كشف لـ«إنماز نيوز» عن” وجود ملعب خاص في جامعة بغداد كلية التربية البدنية وهذا الملعب في تطور مستمر نحو الأفضل بالبنية التحتية. معدات التدريب ايضا في تطور مستمر والمعسكرات تأتي حسب البرنامج الموضوع من قبل المدرب ويكون بأفضل صوره دوماً.
شعبية هذه اللعبة تنافس رياضات قديمة على أرض الرافدين رغم تواجدها الحديث نسبيا هذا ما أكده “عبد” حين قال: يوجد انتشار واتحادات فرعيه في باقي المحافظات وقاعدتها الجماهيرية في تزايد لأنها حديثة العهد وغريبه على المجتمعات الشرقية واللاعب لديه اهله واصدقاؤه ومجتمع محيط به فمن خلالهم يتم نشر اللعبة بكلمة او مشاهدة او تشجيع.
مضيفا: هنالك اهتماما كبيرا ومتابعة قدر المستطاع للنهوض وتطوير اللاعبين بشكل مستمر عن طريق تشكيل الفئات العمرية والشباب لوضع خطط مستقبلية نحو انشاء لاعب ركبي متكامل من كلا الجنسين.
واختتم المدرب حواره الصحفي بعبارة تُدرس مفادها: إن وجِدت الصعوبات فإن حمل شعار العراق ينسينا كل ما هو صعب من اجل الوطن.
وبينما تبدو هذه الرياضة العنيفة والغنية بالتكتيك غريبة على الشارع العراقي إلا أن للقائمين عليها رأي آخر لزيادة شعبيتها.
بالرغم من التحديات، فإن رياضة الركبي في العراق تبشر بمستقبل واعد، خاصة مع الجهود التي يبذلها الاتحاد واللاعبون لنشر اللعبة وتطويرها. وإدخالها في المدارس والجامعات
وعلى ضوء ذلك أكد الأمين العام للاتحاد العراقي للركبي والمسؤول الإعلامي له محمد حنون الجزائري في تصريح لـ«إنماز نيوز» إن “الإعلام العراقي داعم للرياضة ما جعلها تحت الأضواء وإن خطة الاتحاد عشرية تتضمن خطوات أولها وأهمها الإعلامية تليها بقية الخطط ضمنها الاقتصادية ونتيجة لما سبق صار لدينا لاعبون في جميع المحافظات تعرفوا على الرياضة من خلال التغطيات الخاصة والبرامج التوثيقية التي تبرز الجانب الآخر من الركبي الذي يتعلق بالتكنيك والقوانين كونها رياضة بدنية ليست جسمانية كما يراها البعض إذ تم اختيارها من أفضل الألعاب النظيفة في أولمبيات “ريو دي جانيرو” 2016.
وأضاف الجزائري أن الجماهير بدأت تتوافد إلى صفحات السوشيال ميديا أولا بعدها نحو الملعب الواقعي بأعداد جيدة وهذا يندرج ضمن استراتيجية صحافة المواطن التي نروج من خلالها.
ولأن الاهتمام يجب أن يخرج عن الإطار المحلي أكد الجزائري أن كلمة العراق باتت مهمة آسيويا وعالميا خصوصا مع زيارة رئيس الاتحاد الآسيوي والعربي الشيخ قيس الضالعي قبل أيام والتي حضر من خلالها مباراة بين منتخبي بغداد وكربلاء وقام بتتويج فريق العاصمة.
بعد ما تقدم من المعلومات فإن الاستنتاج الأهم هو أن الاتحاد يقدم جهودا جبارة تستحق الإشادة لمنح رياضة الأسود ما تستحق.

في الركبي لا تقاس العظمة بعدد الأهداف بل بعدد مرات النهوض بعد السقوط حفاظا على مسار الهدف الذي يرنو اليه الفريق وهذه صفات العراقيين البواسل فرياضة كهذه وكأنها فصّلت لشعب يعشق التحديات
ومن جانب تنظيمي بحت وللوصول إلى لب الموضوع كان يجب الاطلاع على نقطة الصفر وهذا ما أخذنا للحديث مع مؤسس الرياضة محليا رئيس الاتحاد العراقي للركبي الدكتور فريق هزاع الذي أوضح لـ«إنماز نيوز» أن بداية الرياضة كانت من بوابة كلية التربية بجامعة بغداد التي وصفها بأساس نجاحها عن طريق إجراء الاختبارات على الطلبة والرياضيين المتواجدين، ولأن الإنجازات لا تنحصر بالألقاب والذهب أكد هزاع أن مخططهم بعيد المدى يسير على قدم وساق لتحقيق الأهداف الثلاثة وهي “نشر الرياضة بين المحافظات، صنع قاعدة شعبية لها وإقامة بطولات سنوية وأخيرا الاهتمام بالفئات العمرية وهو ما تم العمل به.
وعن إحصائية الفرق التي احتضنت الركبي أكد “هزاع” أن أول بطولة دوري ضمت أربعة فرق وتضاعف العدد في الأخيرة والآن هناك فرق في جميع المحافظات تقريبا.

كل مشروع في العالم إن كان رياضيا أو لا فهو يحتاج الدعم للنهوض إلا أن إصرار الاتحاد مكنه من كسر الحواجز حتى دون وجود أي دعم حكومي على حد قول رئيسه لكن الدعم جاء من عمادة كلية التربية الرياضية كما ذكرنا ومن اللجنة الأولمبية متمثلة برئيسها عقيل مفتن من ناحية مادية.
ولأن المستحيل ليس عراقيا أكد “هزاع” وضع خطة خاصة لاستضافة بطولة العرب لسنة 2027 في العاصمة بغداد وتم وضعها على طاولة الاتحاد العربي.
وفي ختام حديثه الهام كشف قائلا: لا صعوبات أمامنا سوى العجز المالي الذي تعاني منه جميع الاتحادات ، والرياضة العراقية تعيش أسوء أيامها رغم جهود رئيس اللجنة الأولمبية لتدوير العجلة الرياضية إضافة إلى مطالباتنا بدعم حكومي قوي.
تمثل رياضة الركبي في العراق تجربة رياضية جديدة تسعى إلى إثبات نفسها وسط مجموعة من التحديات. ورغم كونها رياضة ناشئة، إلا أن الطموح والعزيمة التي يبديها القائمون عليها تشير إلى إمكانية تطورها وانتشارها مستقبلاً، خاصة مع وفر الدعم المؤسسي والإعلامي والجماهيري الكافي. إن دعم هذه الرياضة لا يسهم فقط في تنويع المشهد الرياضي في العراق، بل يعزز أيضاً من روح التحدي والانضباط لدى شباب عراقي شغوف.