ابو طالب الزيدي – في عصر السرعة والعالم الذي تُذلل به كل الصعوبات لتقديم ابتكارات وخيارات جديدة تسهل حياة المواطنين، تبرز أفكار في كل قطاع ومؤسسة تهدف إلى الوصول لطريقة عملية ترفع من مستوى الخدمة.
وبين معتركات الملف الصحي تتبلور خطوة تهدف إلى تحسين جودة الرعاية الصحية وتخفيف الضغط عن المستشفيات، على غرار طلب الأطعمة من المطاعم التي انتشرت بين ليلة وضحاها ظهرت طلبيات أخرى لكن من نوع آخر حيث بدأت العديد من المستوصفات الطبية في تقديم خدمات الزيارات المنزلية من خلال إرسال فرق طبية متخصصة إلى منازل المرضى لتقديم الرعاية الصحية اللازمة. وتأتي هذه المبادرة استجابةً لحاجة متزايدة لدى كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى الحالات التي يصعب عليها الوصول إلى المرافق الطبية.
تتميز هذه الخدمة بالإنسانية والرحمة، إذ تقدم الرعاية للمريض في بيئة مألوفة ومريحة، ما يساعده على الاستجابة للعلاج بشكل أفضل ويخفف عنه عناء الانتقال والانتظار.
وتقوم الكوادر الصحية، التي تشمل الأطباء والممرضين والفنيين، بتقديم مجموعة من الخدمات مثل فحص العلامات الحيوية، إعطاء الأدوية والحقن، متابعة الأمراض المزمنة كالسكري والضغط، وتقديم النصائح الصحية للمريض وأسرته حول أساليب العناية السليمة والنظام الغذائي المناسب ناهيك عن التطورات التي شملت قطاع الصحة المنزلية حتى وصلت إلى إجراء السونار داخل جدران البيت.
ومن الجوانب الإيجابية لهذه الخدمة أيضا تعزيز التواصل الإنساني بين الصحيين والمريض، إذ يشعر الأخير بالاهتمام والطمأنينة، ويكون أكثر استعدادًا للتعاون والاستماع إلى الإرشادات الطبية.
وفي ظل التحديات المتزايدة التي تواجه القطاع الصحي، برزت قضايا الصحة المنزلية كأحد المحاور الحيوية التي تستدعي اهتمامًا متزايدًا من صناع القرار. وفي هذا السياق، أكدت عضو لجنة الصحة والبيئة البرلمانية زينب جمعة الموسوي خلال تصريح خاص لـ«إنماز نيوز»، أهمية تعزيز خدمات الرعاية الصحية المنزلية لدورها في الحد من انتشار الأمراض المعدية، خصوصاً تلك التي تتطلب العزل أو المراقبة الصحية الدقيقة، وذلك من خلال إبقاء المريض في بيئته المنزلية تحت إشراف طبي مباشر، مما يقلل من خطر انتقال العدوى داخل المستشفيات أو المراكز الصحية.”
“أما فيما يخص تأثير هذه الخدمة على عمل المستشفيات، فهي تُسهم بشكل إيجابي في تخفيف الضغط عن ردهات الطوارئ والأسرة المخصصة للحالات المزمنة أو القابلة للمتابعة خارج المؤسسات الصحية. كما تُعتبر هذه الخدمة خطوة تُحسب للمراكز الصحية الخاصة التي بادرت بتقديمها، لكنها تحتاج إلى تنظيم أكبر ودعم من وزارة الصحة لضمان الجودة والرقابة، ومنع الاستغلال التجاري.”

وأضافت «الموسوي»: فيما يتعلق بخدمات الفحوصات الشاملة داخل المنازل، أن المختبرات الخاصة كانت سبّاقة في هذا المجال، لكننا في لجنة الصحة والبيئة نؤكد وجود نية رسمية للعمل على توسيع هذه الخدمة عبر المؤسسات الحكومية، من خلال إرسال فرق صحية مدربة لإجراء بعض الفحوصات الأساسية والشاملة للمواطنين، خصوصاً ذوي الأمراض المزمنة وكبار السن، لكن هذا يحتاج إلى دعم لوجستي ومالي واضح ضمن موازنات وزارة الصحة. أما فرق اللقاحات فهي مستمرة في عملها الميداني، لكننا نطمح إلى أن تمتد التجربة لتشمل بقية التخصصات.”
ولتوضيح الرؤية النيابية ركزت «الموسوي» على أهمية تعزيز الطب الوقائي وخدمات الصحة المنزلية لأنها تمثل نقلة نوعية في نظامنا الصحي، بشرط أن يتم ذلك ضمن إطار منظم ورقابي يضمن المساواة والكفاءة.
وتأكيدا لما جاءت به النائب سابقا فقد أكد «الدكتور طه اياد» لـ«إنماز نيوز» من إدارة تطبيق سليم للرعاية المنزلية الصحية أن المراكز الخاصة هي التي شرعت أولا بهذه الخدمة واسعة المجال إذ أن في السابق كانت تنحصر في خدمات الأفراد كممرض يزور معارفه أو يعمل في إطار منطقته فقط أما عن نظام صحي يقدم خدمات مترابطة ذو فائدة متكاملة فإن “سليم” هو أول تطبيق فعلي يجمع كل الخدمات على حد قول “اياد”.

وعلى صعيد آخر بعيدا عن المريض والمستشفيات فإن الأطباء والممرضين الذين يمارسون هذا النوع من الرعاية يشيدون بها كخطوة تزيد من فرص العمل لهم وتزيد من خبراتهم المهنية والاجتماعية هذا ما أكدته الممرضة روان العقابي التي تحدثت لـ«إنماز نيوز» عن تجربتها في هذا المجال حيث قالت إن: “الذهاب لمساعدة المرضى في منازلهم أمر إنساني بالنسبة لي أكثر من كونه مهنيا إذ انني اشفق عليهم لعدم مقدرتهم على التنقل في ظل ظروف حياتية ومناخية ومرورية.
ولأن لكل خطوة تحديات بينت «العقابي» أن هناك صعوبات تطال عملنا في هذا المجال معظمها مجتمعية تتعلق بالنظرة العامة للمرأة ووجودها في هكذا ظروف لكن كل ذلك لم ولن يثنيني لحظة واحدة عن أداء عملي بحب.

ومع تزايد الحاجة إلى حلول صحية مرنة ومستدامة تبقى الصحة المنزلية خيارا إنسانيا وفعالا يستحق الدعم والتطوير المستمر من كافة الجهات المعنية ليس الخاصة فقط.