شباب يبنون اقتصادًا رقميًا جديدًا: نهضة عراقية تقودها العقول الشابة

شارك الخبر

علي كريم إذهيب – في السنوات الأخيرة، وتحديدًا مع دخول عام 2025، يشهد العراق تحوّلًا هادئًا لكنه عميق في طبيعته الاقتصادية. لم تعد طموحات الشباب العراقي مقتصرة على الوظائف الحكومية، بل اتجه كثير منهم إلى العالم الرقمي، ليخلقوا فرصًا جديدة، ويبنوا اقتصادًا حديثًا يعتمد على الإبداع والتكنولوجيا.

نهضة رقمية من قلب التحديات

في بلد عانى لسنوات من أزمات اقتصادية وأمنية، استطاع الشباب العراقي أن يثبت أن الإبداع لا يحتاج سوى فرصة، ولو صغيرة. خلال فترة قصيرة، ظهرت تطبيقات ذكية صُمّمت بأيادٍ عراقية، تلبي احتياجات محلية وتنافس نظيراتها في المنطقة.

منصات مثل “نون أكاديمي العراق”، و**“مركز التعليم الذكي”** بدأت تقدم خدمات تعليمية رقمية للطلبة في مختلف المحافظات. كما ظهرت متاجر إلكترونية محلية مثل “سوق العراق الرقمي” و**“إيزي ماركت”**، تقدم منتجات محلية بجودة عالية وتوصيل سريع، وتخلق فرص عمل في كل من التقنية والخدمات اللوجستية.

دعم حكومي وخارجي بدأ يؤتي ثماره

مبادرات حكومية مثل “تمكين الشباب الرقمي”، وبرامج دولية ممولة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ساعدت في تدريب الآلاف من الشباب على مهارات البرمجة، التسويق الرقمي، والتصميم. هذه البرامج لم تكن مجرد ورش عابرة، بل فتحت أبواب العمل الحر والعمل عن بُعد، وربطت الكفاءات العراقية بسوق العمل العالمي.

كما بدأت بعض الجامعات العراقية بإدخال مواد متخصصة في ريادة الأعمال والتقنية ضمن مناهجها، في خطوة لمواكبة التحول الرقمي السريع.

العمل الحر والـ Freelancing: سوق بديلة تنمو بصمت

بفضل المنصات العالمية مثل Upwork وFreelancer وFiverr، بدأ آلاف الشباب العراقيين تقديم خدماتهم للعملاء حول العالم، من تصميم المواقع، إلى الترجمة، إلى إدارة المحتوى الرقمي. وتجاوزت أرباح بعضهم حاجز الألف دولار شهريًا، وهو دخل يفوق متوسط الرواتب المحلية.

ظهور مراكز العمل المشترك (Co-working spaces) في بغداد وأربيل والبصرة سهل على هؤلاء الشباب العمل في بيئة محفزة، بعيدًا عن الروتين اليومي.

تحديات حقيقية، لكنها قابلة للتجاوز

رغم هذا التفاؤل، لا يمكن إغفال التحديات: ضعف البنية التحتية للإنترنت في بعض المناطق، صعوبة الحصول على وسائل دفع إلكترونية دولية، وغياب التشريعات الحديثة التي تحمي الأعمال الرقمية. إلا أن الإصرار الشبابي وروح المبادرة بدأت بتجاوز هذه العقبات تدريجيًا، خصوصًا مع توجّه بعض المصارف لتوفير خدمات الدفع الإلكتروني، وتأسيس حاضنات أعمال متخصصة في التكنولوجيا.

الشباب هم الرهان الحقيقي

ما يحدث اليوم في العراق هو أكثر من مجرد تحوّل اقتصادي، إنه تحوّل ثقافي يقوده الشباب بأنفسهم. اقتصاد رقمي بدأ يتشكل بجهود فردية وجماعية، يفتح آفاقًا جديدة لمستقبل مختلف، وأكثر استقرارًا. في ظل هذه النهضة الرقمية، يمكن القول إن العراق لا يعيد بناء اقتصاده فحسب، بل يعيد اكتشاف قدراته.